أزمة الأهرام الأخيرة ليست إلا نقطة فى بحر كبير من محاولات إطلاق شراراتها..
سفراء إسرائيل فى مصر.. مبعوثو إثارة الأزمات
الخميس، 17 سبتمبر 2009 - 10:16السفير الإسرائيلى شالوم كوهين
"سفير الأزمات" هو اللقب الذى يمكن إطلاقه على السفير الإسرائيلى بمصر، انطلاقا من صفته، وبغض الطرف عن شخصه، كأنما هو اتفاق غير مكتوب، وخارج برتوكولات الدبلوماسية بين سفراء إسرائيل على أن يثيروا الزوابع ويفجروا الأزمات تعويضا عن فشلهم فى إذابة جبال الجليد التى تفصلهم عن مختلف الدوائر الشعبية والرسمية فى مصر.
أزمة الأهرام التى أثارها شالوم كوهين السفير الإسرائيلى بالقاهرة مؤخرا تأتى ضمن هذه الأزمات التى اعتاد عليها كوهين كما اعتاد عليها سابقوه، لتكشف هذه الهواية الغريبة لدى سفراء إسرائيل الثمانية الذين سبقوه الذين عملوا جميعا لجهاز المخابرات الإسرائيلى "الموساد" فى فترات سابقة من حياتهم قبل أن يكلل مشوارهم المهنى بالعمل فى مصر.
كان واضحا أن كوهين يرغب فى إثارة أزمة الأهرام بإصرار شديد كشفته تصريحات الدكتور عبد المنعم سعيد، رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام، التى أكد فيها أن كوهين طلب لقاءه مرتين منذ توليه رئاسة المؤسسة، وأنه رفض اللقاء فى المرتين، تجنبا لشق صف المؤسسة، لكن كوهين كان مصرا على إحداث الشقاق، فالتف ليطرق الأهرام من باب آخر، عبر مجلة الديمرقراطية التى ترأسها الدكتورة هالة مصطفى، ليفاجئها بزيارته التى لم تجد منها فكاكا، بحسب تصريحاتها التى تناقلتها الصحف المصرية.
صحيح أن رئيس تحرير مجلة الديموقراطية أخطأت باستقبال كوهين، بغض الطرف عن تبريراتها، لكن الحملة التى شنها البعض عليها تبدو متحاملة بعض الشىء، طالما أن هناك سياسيين ومثقفين وشخصيات عامة من بينهم صحفيون ورجال إعمال يرتمون فى أحضان إسرائيل التى تعتبرهم من أقرب أصدقائها و"حلفائها" فى المنطقة، كما أن نيران الحملة اكتوت بها الدكتورة هالة مصطفى، كانت بردا وسلاما على السفير الإسرائيلى، وكأنما لم يكن هو مهندس الأزمة، والمتسبب فيها من البداية، أو كأنه أشعل الأهرام من الداخل بحسن نية، ودون أن يقصد، على عكس ما تكشفه القراءة المتأنية لأزمات سفراء إسرائيل الذين تعاقبوا على مصر.
كوهين نفسه كان بطل أزمة كبيرة تسبب فيها طلب سفارته بشكل رسمى شراء مقر الجامعة الأمريكية القديم بوسط القاهرة، بعد نقل الجامعة إلى مقرها الجديد بالتجمع الخامس، وهو الطلب الذى قوبل بالرفض حكوميا، وبموجة من الاستنكار شعبيا، لكن ذلك لم يثن السفير الإسرائيلى عن تكرار طلبه بشكل أكثر استفزازا لرئيس مجلس الوزراء مطالبا بشراء حديقة الحيوان بالجيزة، لبناء ملحقية تابعة للسفارة، وعرض كوهين على الحكومة المصرية أى مبلغ تراه مناسبا مقابل أرض الحديقة التى تضم بعض المبانى الأثرية، فضلا عن قيمتها التراثية كأحد أبرز معالم الجيزة منذ عهد الملكية.. المؤكد أن السفير الإسرائيلى يعلم أنه لن يتم الموافقة على الطلبين، لأسباب عديدة، إن لم تكن لرغبة الحكومة، فهى لرفض المواطنين على الأقل، لكن الرغبة فى إثارة الأزمات، ولفت أنظار وسائل الإعلام التى تتجاهل السفير وسفارته بشكل تام.
ويمكن تفسير حوادث كثيرة مستفزة كان بطلها سفير إسرائيل – بصرف النظر عن اسمه – على خلفية الفرضية السابقة الباحثة عن أقلام الصحافة، مثل إعلان السفير عن سرقة سيارته المرسيدس من أمام مسكنة بالمعادى، رغم طاقم الحراسة المرافق له، وإعلانه بعد ذلك عن فقد حقيبة يده التى تحتوى على بعض المتعلقات الشخصية والأوراق الخاصة بعمله، بالإضافة إلى هاتفين محمولين وبعض الأموال، خلال تناوله الطعام بـ "الرست هاوس" أثناء عودته من الإسكندرية، وبعدها أخبار نجاته من الموت فى حادث سيارة لم يصب فيه إلا رجال الحراسة المصريين، رغم أن سيارة السفير لم تصب بخدش واحد، وهى حوادث عسيرة التصديق فى الغالب، وتعكس رغبة السفير المحمومة فى اقتناص أى مساحة – ولو ضئيلة – من اهتمام وسائل الإعلام الرافضة للتعامل مع ممثلى البعثات الدبلوماسية الإسرائيلية فى مصر.
ولا يتوقف الأمر على مجرد إعلان أخبار تفتقر إلى كثير من المصداقية، وتبدو عسيرة التصديق فحسب، بل إن شالوم كوهين، يبحث بكل الطرق عن الأضواء، ويحاول بكل الوسائل اكتساب التعاطف الغائب بظهوره بمظهر الضحية المضطهد والمستفز لأقل الأسباب، مثلما حدث عندما اشتبك السفير الحالى لإسرائيل مع جيرانه من سكان العمارة التى تقطنها السفارة بشارع "ابن مالك" بالقرب من جامعة القاهرة، بسبب تعليق أحد السكان لصورة حسن نصر الله، زعيم حزب الله اللبنانى، على سيارته وباب شقته، وطالب كوهين بتدخل الأمن لإزالة صور نصر الله من سيارة وشقة الساكن، وهو ما قابله سكان العقار بالتضامن مع جارهم المصرى، بتعليق صور نصر الله على جميع شقق العمارة، وتحدوه بأن تملك السفارة أو الجهات الأمنية الحق فى التدخل لإزالة تلك الصور.
ولا تتوقف استفزازات السفير الإسرائيلى ومحاولاته الفاشلة لإثارة الأزمات، وزرع بذور الشقاق بطلبه الغريب للدكتور فتحى سعد، محافظ الجيزة، بتغيير اسم شارع "ابن مالك" الذى يقع فيه مقر السفارة بالقرب من جامعة القاهرة إلى "شارع سفارة إسرائيل"، على أن يدرج الشارع بعد تغيير اسمه ضمن الشوارع الرئيسية بحى الجيزة، وتعلل كوهين فى طلبه بأن المراسلات التى تأتى للسفارة من مختلف دول العالم بالبريد السريع تجد صعوبة شديدة فى الوصول إلى السفارة لعدم شهرة الشارع الذى تقع به، لكن الرفض دائما كان هو مصير تلك الطلبات المثيرة للفتن التى اعتاد عليها سفراء إسرائيل، كما كان الطرد والنبذ دائما هو مصيره من المصريين على اختلافات توجهاتهم، حتى وصل الأمر إلى طرده مع بعض موظفى السفارة من أحد الملاهى الليلية بشارع الهرم، بعد أن اكتشفت الراقصة أنه سفير إسرائيل، وأصرت على خروجه لتستكمل سهرتها الراقصة، بعد أن أوعزت إلى المطرب الشعبى المرافق لها أن يغنى أغنية شعبان عبد الرحيم الشهيرة "أنا بكره إسرائيل".
اعداد/محسن الامبراطور